هذا المقال جزء من المحاضرات والمواضيع التي ألقاها آية الله العظمى الطهراني حول السيدة رقية، ويمكنكم مشاهدة المزيد من المعلومات على موقع مدرسة الوحي.

نظرة الناس إلى السيدة رقية كطفلة

حاليًا، انظروا إلى الناس الذين يذهبون إلى سوريا ويزورون حرم السيدة رقية. ما هي محادثتهم معها؟

محادثتهم هي أن طفلة مدفونة هنا، وأن هذه الطفلة لم تصل بعد إلى تلك الدرجات من الكمال، وقد فارقت الحياة. بينما الآن، في هذا الدعاء الذي يقدمه الإنسان، لا ينبغي له أن يدعو طفلًا. الدعاء هو دعاء إنسان كامل، ومدرك لله، وشخص محقق لفعليات ولاية الكل. يجب على الإنسان أن يدعو بهذه النظرة.

نحن ننظر إلى السيدة رقية كطفلة، ولكن إذا عاشت في الدنيا، وخضعت للتربية تحت ظل أبيها الإمام الحسين عليه السلام، فلماذا لا تصل إلى تلك الدرجات من الكمال؟ إنه أمر سهل بالنسبة لنا أن نقول هذا، وأن نضع مقام الوحي في مكانة أعلى من مقام السيدة رقية. ولكن هذا ليس صحيحًا. من المحتمل أن يزور السيد موسى والسيد عيسى عليه السلام السيدة رقية كل يوم، ويطلبون منها أن تقترب أكثر من الله. ما الذي يجعلنا نعتقد أن السيدة رقية، فقط لأنها ابنة الإمام الحسين عليه السلام، لا يمكنها أن تصل إلى مقامات عالية؟

وجهة نظر العظماء تجاه سيد علي أكبر وسيدي علي الأصغر وسيدة رقية

فتاة يقبل أولياء الله عتبة منزلها للزيارة، ثم انظر إلى ما يتخيله الناس! ما المانع في أن تكون سيدة رقية، التي استشهدت في سن الثالثة، قد استشهدت بالفعل؟ هذا أيضًا استشهاد، مع هذه الجودة والوضع، لم يستطع السيد تحمله، وما حدث، ما المانع في أن يصلوا إلى مرتبة أعلى من مقام الأنبياء في البرزخ وعالم المثال، تحت رعاية والدهم؟”

الناس يذهبون إلى حرم سيد الشهداء، ويزورون الإمام الحسين عليه السلام وعلي الأكبر وعلي الأصغر. وينظرون إلى هؤلاء الثلاثة على أنهم أب وابن كبير وطفل رضيع. لكن هذا ليس صحيحًا. إن الشهداء في كربلاء لم يموتوا فقط. بل إنهم وصلوا إلى مقامات عالية في عالم البرزخ وعالم المثال. فقد تمتعوا برعاية الله تعالى، وتعلموا من الإمام الحسين عليه السلام. وهذا الأمر ليس مرتبطًا بالوقت. فعندما قتلوا الطفل الرضيع، كان عمره بضعة أشهر فقط. ولكن هذا لا يعني أن عمره لا يزال بضعة أشهر في عالم البرزخ. بل إنه قد كبر وتطور وتعلم الكثير. ففي عالم البرزخ، لا يوجد وقت. فقد يكون قد عاش آلاف السنين، وتعلم الكثير من العلوم والمعارف.

وهذا الأمر ليس فقط بالنسبة لعلي الأصغر. بل إنه ينطبق على جميع الشهداء في كربلاء. فقد وصلوا إلى مقامات عالية، وتعلموا الكثير من الله تعالى. وهذا هو الهدف من خلق الإنسان. هو أن ينمو ويتطور، ويصل إلى أعلى مقامات الكمال. ولذلك، فإن الشهداء في كربلاء لم يموتوا أبدًا. بل إنهم ما زالوا يتعلمون وينموون، ويصلون إلى مقامات أعلى.

لماذا لا يشعر علي الأصغر بالظلم؟ لماذا لا يشعر أنه لم يحقق هدفه في الحياة؟ لماذا لا يشعر أنه يجب أن يكون حيًا حتى يواصل نموه وتطوره؟ أن علي الأصغر يدرك أن الهدف من خلق الإنسان هو الوصول إلى أعلى مقامات الكمال. وهو يعلم أنه قد وصل إلى هذه المقامات في عالم البرزخ . الآن لا يقول إنه تعرض للظلم. لماذا لا يجب أن أحقق هذا المستوى؟ الآن، هناك اثنا عشر إمامًا، ولدينا أيضًا أخونا علي بن الحسين، الإمام السجاد، الذي لا علاقة له بهذا الأمر، فهو إمام. لماذا لم نصل إلى هناك؟ لماذا لا يجب أن نصل إلى هناك؟ لماذا لا يجب أن نحقق هذه القدرات التي طورها علي الأكبر على مدار 33 عامًا، حيث كان تحت رعاية والده وإمام حسن، وفي عهد إمامة إمام حسن، ثم تم نقله؟ لماذا لا يجب أن أكون كذلك؟ لماذا يجب أن أترك هذا العالم؟ أنه يرى أن الإمامة ليست نهاية المطاف. بل هي مجرد مرحلة من مراحل الكمال. وأنه سيصل إلى مقامات أعلى في عالم البرزخ.

هذا عكس هذا الأمر. نحن لا نهتم بالظلم. نحن نهتم بهذا الأمر لأن الهدف والغرض من خلق هذا الكائن الذي لديه القدرة على الوصول إلى هذه المستويات لم يتحقق. الآن، نحن نذهب وننظر ونقول إنه طفل رضيع. حتى لو كان الطفل لا يكبر، إذا فتحنا القبر ورأينا الجسم، فسيظل الطفل نفسه في نفس المكان. نظرتنا هي نظرة الشخص العادي، نظرة الشخص الذي يرى حقيقة الروح والحقيقة الكلية فقط في الجسد المادي. إن نظرة الناس إلى الشهداء في كربلاء قاصرة. فهم ينظرون إلى الشهداء على أنهم مجرد ضحايا، وقد ماتوا دون تحقيق أي شيء. أن الشهداء في كربلاء لم يموتوا فقط، بل إنهم وصلوا إلى مقامات عالية في عالم البرزخ وعالم المثال. وقد تمتعوا برعاية الله تعالى، وتعلموا من الإمام الحسين عليه السلام.

لماذا يجب أن تبقى نظرتنا منقوصة ومحدودة ومتساهلة؟ لماذا لا يجب أن تتغير نظرتنا في هذه الأشياء؟ لقد رأينا هذا في حالات العظماء تجاه هذه الحالات، وشاهدناها في هذه الزيارات، وفي هذه الأماكن، ورأينا نظرتهم في هذا المقام ونظرتهم تجاهه تمامًا.